الجمعة، 4 ديسمبر 2009

قطفت ُ الوردة َ وأهـْدتـْها غيري !

قطفت ُ الوردة َ وأهـْدتـْها غيري !


وأنا , أمر من الطريق الذي تعودت وأحببت المرور منه. طريق استمتع عندما أكون بوسط ممراتها , التي نقشت بأروع ألوان الزهور , استمتع بغناء الطيور تغني فيه تشقشق بكل ألحان الفرح .
كنت , في قمة السعادة , فجماله قد غطا كل شيء فيه ، وزاد في تشويقي للدراسة التي بدأتُ أسعد بها .
زاد الطريق جمالا ، شخص أهواه كثيرا كان يقطن بجواره. كثيرا ما كنت , أراقبه عن بعد ، وأنا سائرة بجوار منزله , دون أن يراني .. أراه يوميا في نفس المكان ، كان معتادا على قطف الزهور ، والورود التي رأيته قد أحب التمتع بمنظرها ، وهي تلامس يديه الناعمتين ، كان يبدو سعيدا ، وهو يتوسط تلك الزهور. ... يبدأ يومه برؤية منظرها الجميل .
ومن يومها قررت أن أهديه أجمل مايحب في هذا المكان .
لم أكن وحدي من يمر بهذا المكان , كان لي صديقة أطلقت عليها تحببا صديقة الطريق لأني كنت ألتقيها في كل مرة , نتمشى معا , كانت تراني وأنا أقطف , الزهور وأضعها بشكل دائم أمام طريق من أحببت ، و الذي لطالما كنت أفكر فيه. كنت أقطفها له ’ له وحده, ليكون أول شيء يراه هدية جميلة مني .
وأنا أنتظر مروره ؛ لأري علامات الحيرة التي كانت في تقاسيم وجهه ، توحي بنبض يتسارع للقاءالزهور. هو لا يعرف مصدرها وممن هي !
كم تمنيت وأنا أنظر من بعيد , أن أعرب له عن صدق مشاعري , عن دقات قلبي , التي تفر نحوه كلما رأيته .
كنت , أبطئ الخطو في هذا الإبداء ، خوفا من سبق الأحداث .
نعم هو فرح ومعجب ، لكن من يدري أبصاحبة الورد أم بالورد فقط ؟
وقرر أن ينتظر الفاعل المجهول صاحب الرقة الرائع ليتعرف عليه من بعد .
و ذات يوم وأنا أسير في نفس الطريق, لفن انتباهي , حمامة تطعم صغيرها ، وتحن عليه ، كانت تعبر له عن فرحها بوجوده عزيزا عليها في دنياها . كانت تزيل بقايا قشر البيضة التي خرج منها ، وتبعد القش الذي أحست بقسوته على جسده الذي كان يملؤه زغب الريش ، الذي يوحي بالظهور.
كم تمتعت بمنظرها وهي تحاول مساعدته في التقاط ما جلبته لعشها من أشياء ، ليأكلها صغيرها الجديد . أخذني الوقت ساعات ، وأنا أراقب ، وأنظر بكل شغف فعل الأم ، الذي كان يسكب كل حنان على صغيرها . جاءت صديقتي حسب موعد اللقاء الذي اعتدنا أن نلتقي فيه مع بعضنا . انتظرتني لبعض الوقت ، ثم أكملت مشوارها ككل يوم لمكان عملها .
لكنها توقفت برهة من الزمان , تقطف بعض الزهور والورود ؛ لتأخذها لزميلتها ، التي كانت تخبرني عنها أنها تعشق الورد والزهور ، و تحب أن تزين مكان جلوسها بهما ـ نعم فعل اعتدنا أن نقوم به ـ جمعت من ذاك الورد باقة ، فاقت الخيال حسنا و جمالا .
تعدد ألوان ذاك الورد الفتان كانت باقتها حمراء وصفراء وبنفسج وأرجواني .
فعلا سبحان الله خالق هذا الجمال ما أروعة ! لقد حدث في هذه اللحظة ما لم يكن متوقعا يوما ، ولم يخطر في البال وقوعه . رآها الشخص الذي أحببته من كل قلبي , وهي تقطف الورود ، وتعد باقة شبيهة بالتي كنت أعدها له . تشابكت الأحداث عنده ، وظن أنها الفاعل المجهول ، الذي كان يسعد بفعله .
جاء تجاهها بكل هدوء ومسك يديها من غير شعور منه ، وذهلت هي بفعله ؛ لكن من جماله وروعة ظهوره وإطلاله ، ظلت تنظر بكل انبهار إليه ، من غير أن تبدي أي حراك .
فهو قمر يمشي على الأرض ، نور يتحرك في كل مكان ، إذا رأيته نهارا رأيت بريق جماله يأخذ الأنظار ، وإذا رأيته ليلا ً حسبت القمر يمشي على قدميه .
ظلت تنظر وتنظر ولا تدري أنها بكل نظرة تقتلني ألف مرة ، ولا تدري كم نزفت دموعي حزنا عندما وصلت إلي هذا المكان ، كنت أنظر من بعيد ، كنت أرى صورتها تتحرك في عيني من شدة ما ذرفت من الدموع ،عرفت النهاية وليتني وضحت الأمر له من البداية .
لا أستطيع أن أنكر فعلها ؛ لأني أنا من تجاهلت الموضوع ، وأجلت البوح به .
لا أريد أن أظلمها ! لأنها فعلا لا تدري بأنه حبيبي ، الذي لا يعلم بموضوع حبي له !
وقفت حائرة بالخطوة التي ستكون بادرة مني في الوقت نفسه ، رأيت عيون صديقتي تتلألأ من شدة الفرح ، وكأنها عثرت على تائه ، كانت تبحث عنه .
يا إلهي كم أثر في هذا المشهد ! الذي اعتبرته من أجلها رائعا جدا ؛ لأني أنظر وأضع نفسي مكانها ! لم أشأ أن أفسد جمال أول لقاء بينهما ، صحيح أنه وقع في غير مكانه لكنه وقع !
كنت أنظر إليهم وأنا أتكئ على شجرة نقشت عليها قبل مغادرتي المكان الذي أحببت : (أصابتْ رمية ً بغير رام ٍ ) .

ليست هناك تعليقات: